آخر الأخبار :

دروب التسويات في الشرق الأوسط على حساب الوطن الفلسطيني لصالح اليهود من ألفه إلى يائه

دروب التسويات في الشرق الأوسط على حساب الوطن الفلسطيني لصالح اليهود من ألفه إلى يائه
** من روجرز إلى ترامب نهج واحد في التصفيات


* إعداد الكاتب والباحث في الشأن الفلسطيني عبدالحميد الهمشري ... والمحامي علي أبوحبلة - رئيس مجلة آفاق الفلسطينية / قسم الدراسات الاستراتيجية

** الحلقة الأولى

المبادرات اليورو – صهيو – أمريكية ، ومحاولات الالتفاف على الحقوق الفلسطينية وشطب فلسطين من خارطة الشرق الأوسط وتغيير معالمها التاريخية ، تجري على قدم وساق وبخطوات مبرمجة ومتدحرجة ابتدأت بدعوات غربية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين منذ نابليون وما قبل نابليون بقليل ، حيث صدر وعد بلفور لهذه الغاية مع تباشير انتهاء الحرب العالمية الأولى لصالح الحلفاء الغربيين ، ومن ثم فرض الوصاية والانتداب على فلسطين لتحقيق الوعد.

ومع نهاية الحرب العالمية الثانية وسطوع نجم أمريكا وإنشاء هيئة الأمم المتحدة خلفاً لعصبة الأمم ، أعلنت بريطانيا بعد أن مكنت اليهود من امتلاك أراضٍ في فلسطين وهبتها لهم من الأراضي الميرية وأراضٍ لإقطاعيين عرب لا يقطنوا في فلسطين ، بل تملكوا فيها دون اتنماء لأرضها ، كون فلسطين وبلاد الشام كانت من ضمن تابعية الدولة العثمانية ومواطنوها يحملون جنسيتها ، فأنشئ الكيان العبري على مساحة 78 % من مساحة الأرض الفلسطينية التي اعتمدت وفق اتفاقية سايكس بيكو مع أنهم لم يتملكوا أكثر من 5% من مساحة أرضها الكلية حتى العام 1948 ، لدرجة أن هناك قرى فلسطينية جرى تعديل تبعيتها لتصبح تابعة للبنان كون سكانها من المسلمين الشيعة ، لتوازنات طائفية تلعب على وترها الحساس الدول الغربية.
وجرت حروب في العام 1948 لتثبيت الكيان العبري أعقبتها عمليات عسكرية كان يقوم بها جيش الاحتلال الصهيوني حتى حرب حزيران 1967 ، حيث تم احتلال باقي الأرض الفلسطينية " الضفة الغربية والقدس عاصمة فلسطين التاريخية وقطاع غزة " ، بعد ذلك بدأت الأمور تتكشف أكثر فأكثر حيث اتضح أن الصهيونية والدول الغربية حاضنتها لا ترتضي بأقل من فلسطين التاريخية وطناً لليهود ، وبطبيعة الحال يكون ذلك على حساب الحقوق الفلسطينية .
وما نشهده هذه الأيام من سعار أمريكي متسارع لترتيب الأمور بالكامل في فلسطين لليهود ليس وليد اللحظة بل سبقته خطوات ومبادرات أعقبت حرب حزيران في العام 1967 ، والأبرز منها كانت مبادرة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق في عهد نيكسون عام 1970 والتي سنتناول تسليط الضوء عليها وما أعقبها من خطوات ضمن حلقات قادمة حتى وصلنا لما يطلق عليها صفقة القرن الترامبية ، صفقة تصفية القضية الفلسطينية على حساب شعب فلسطين ، وإصدار الطابو الأممي للكيان العبري بتملكه بالكامل برغبة ورهبة ورغم أنفنا جميعاً لكامل فلسطين التاريخية ، ملحق بها ما يحيط ببحيرة طبريا من الجولان السوري المحتل .

ففي ظل التناقضات الفلسطينية الفلسطينية ، والفلسطينية العربية ، والعربية العربية ، والعربية الإسلامية، والإسلامية الإسلامية ، وما يقابل ذلك من عبث صهيوني لفرض أجنداته على أهل المنطقة قاطبة والتخلص من العناد الفلسطيني بطمس الهوية الفلسطينية وإلغاء كافة المكتسبات التي حصلوا عليها عبر عشرات بل المئات من القرارات لصالحهم ، تبقى الجهود الخيرة لما يخدم مصالح الأجيال القادمة بين رحى ما هو مرسوم وسندان قوى تتربص بالجميع شراً دون التمكن من صدها أو الوقوف في وجهها ووقف مدها ، فالعرب والمسلمون ما زال بيضهم كله في السلال الصهيو يورو أمريكية التي تسعى لتمرير مساخرها المتمثلة بأجندات تنوء تحت وطأتها الجبال وتتعلق في قلب الحقائق وفرض وقائع يجري التعامل من خلالها مع قضايا العرب والمسلمين خصوصاً القضية الفلسطينية بانحيازٍ مطلق ، خدمة لأهداف ومصالح الغرب عموماً وأمريكا والصهيونية خصوصاً ، وكل طرف عالمي معادٍ لما يمت للعروبة والإسلام بصلة ، بمقابل عدم جدية أقطاب العالمين العربي والإسلامي في إبراز المواقف صراحة للعلن بخصوص ما يحصل وما يجري في الكواليس وحول الدوائر المستديرة بالنسبة لقضايا حساسة تهم مختلف شعوب أهل المنطقة ، فقد طفح الكيل ولم يعد هناك متسع من الوقت لقبول التدليس والتهليس بعد أن ذاب الثلج وبان ما تحت المرج ، وأصبح الجميع يدرك أن لا أحد يقيم وزناً لتطلعات شعوبها ولما أصاب الفلسطينيين من إحباطات جراء الضغوطات التي ما فتئوا يتعرضون لها وتمارس عليهم للاستكانة تحت حجج الركون لحسن نوايا صانعي نكباتهم لصالح الكيان الصهيوني علَّ وعسى يحصلون على بعضٍ من حقوقهم ، ومع أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين فقد تعودنا اللدغ من أعدائنا بلا حدود وأصبحنا كالنعامة نتعامل مع واقعنا المرير بالتغافل عما يحاك لنا رغم إدراكنا المرامي من وراء ذلك ، ونعين على التخلص من القوى المناهضة ذات التأثير التي علها تصنع ما يفرح والمأمول لتتحكم فينا ثعابين الغدر من أعداءٍ لطالما أدركوا أن تنفيذ أجنداتهم مرتبط بتشتيت شملنا والنفاذ إلى عمقنا لتبقى الأمور تسير وفق ما يخدم مصالح من لا يمتون لأهل المنطقة بصلة ، ولا أعلم سبب العقم الذي أصاب بنات أفكار مجتمعاتنا وتولد عنها الرضوخ ، أيعود لعجز عن مواجهة ما يرسم من مخططات أم عن قصر نظر وعدم استيعاب للدروس وإدراك؟ حول ما جرى ويجري منذ وعد بلفور ويتوافق فقط مع تطلعات الصهاينة والقوى الغربية المساندة لها والتي ربطت مصيرها بمصير أصحاب الإفك من يهود وحلفائهم ومن يمدونهم بكل أسباب القوة والثبات في المواقف خدمة لأجنداتهم التي لا تختلف عما يُكِنُّه الغرب من حقد ورغبة في الانتقام لسبب في نفس يعقوب ، ندركه ولا نحاول فهمه ، فما يتعرض له العرب والمسلمون من تفكيك وتشتيت في الرؤى حتى اللحظة يضعهم فريسة سهلة المغنم والمغرم على الطامعين ويفرض الضبابية على واقعنا بسبب مواقف غامضة لا تفسير منطقي لها بالنسبة للكثير من القضايا تؤدي لإثقال كاهل الشعوب الشرق أوسطية بهموم وقضايا ثانوية لا طائل من ورائها سوى بإشغالهم عن التفكير فيما يمس قضاياهم الجوهرية بأجندات تبقيهم لقماً سائغة بين رحى دواليب الغدر وسندان من لا يرحم أو بالهلع والرعب مما هو مرتب له أو بعدم الاكتراث لكل ما يجري ، فما دام راسي سالم فأنا بالخير كله ... بطبيعة الحال هذا فيه قصر نظر وعدم إدراك لِكُنْه الأمور وموقف سلبي يعود دماره على الجميع ، فحين تقتل أو تُغيَّب أسود القوم تخلو الطريق للكلاب الضالة.

لم يمض وقت طويل على حرب حزيران المرتب لها جيداً في دوائر صنع القرار الغربي، خاصة البيت الأبيض الأمريكي ، حتى تلقت الدولة العبرية عوناً استخبارياً ولوجستياً وتسليحياً بإيعاز من أمريكا من ألمانيا الغربية وفرنسا وبريطانيا ، إلى جانب الأسطول السادس الأمريكي القابع في البحر المتوسط ، لترتيب اعتداءاتها وتوريط مصر عبدالناصر في معركة لم تكن قادرة على خوضها جراء صراعات في الجبهة الشمالية ارتأت تصعيد الموقف ضد الكيان الصهيوني وأسدل الستار عن شخصياتها بعد الهزيمة ... والمطلوب كشف الستار عن ملابسات ما جرى قبل حزيران من تصعيد حتى آلت الأمور لما آلت إليه لتبقى المنطقة ترزح تحت آثار حرب سريعة كان لها تداعياتها ما زلنا نعيش مآسيها ، وبفعل تأثيراتها السلبية لغاية الآن انعدمت الثقة بين جميع دول ومكونات أهل المنطقة ، وبدل أن يجري السعي لعلاج أسباب الهزيمة والتصالح مع الشعوب ، مورس التضييق عليها والسعي لتثبيت الكيان الصهيوني وخنق القوى المقاومة للاحتلال والمعادية للوجود الامبريالي في المنطقة ، فكان ما كان من إضعاف للمواقف العربية وتمادي واشنطن في غيها بتمزيق وحدة الصف العربي عموماً والفلسطيني خصوصاً ..

الولايات المتحدة منذ قرار التقسيم الذي صدر بفعل ضغوطها تسعى لتثبيت الكيان الصهيوني حيث أنها قابلت التشدد العربي الذي كان قبل حزيران 1967 الرافض للكيان الصهيوني بفرضه بالقوة عليهم والاعتراف قسراً بوجوده من خلال عقود وعهود يطلق عليه اعتراف دون الانسحاب من الأراضي السورية والفلسطينية "" الجولان و قطاع غزة والضفة الغربية وعاصمتها القدس"" بقرار جدلي صدر عن مجلس الأمن رقمه 242 صاغت نصوصه بريطانيا وأيدته الدول الغربية المتحالفة معها بعد حرب حزيران بما يقارب الستة شهور ، هذا القرار الجدلي في نصه عن سبق إصرار وترصد ، يمنح الكيان الصهيوني الفرصة للمماطلة وعدم الانسحاب من الأراضي التي احتلت نتيجة الحرب وقد ارتاح الكيان الصهيوني من الجبهة الجنوبية بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد المصرية التي أخرجت مصر من الصراع فتحولت من دولة معادية للكيان الصهيوني إلى دولة صديقة يجمعهما تمثيل دبلوماسي .

وتعثرت جهود غونار يارينغ التي بذلها لتجسير الهوة في التفسيرات لنصوصه بالفشل ودفعت عبدالناصر ليعلن أن ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة بعد هزيمة الجيش الصهيوني في معركة الكرامة الأردنية بعد تسعة شهور من هزيمة جيوش دول الطوق العربية في حزيران.

*** وليام روجرز ومبادرته :
وليام روجرز وزير الخارجية الأمريكي في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون لظروف أمريكا الخاصة أصدر مبادرته الشرق أوسطية وهذا يعود إلى أن أمريكا كانت متورطة في الحرب الفيتنامية وتخشى من استغلال الاتحاد السوفييتي للوضع في الشرق الأوسط وإقامة قواعد له في عدد من الدول العربية وترتيب الأمور وفق ما لا تشتهي سفن أمريكا ، كأن يرتب العرب بمساعدة روسيا لحرب لاسترداد الأراضي التي احتلت ، ولا ترغب بأن تتورط إلى جانب الكيان العبري بحرب تكون مهلكة لها وتلحق بها الخسائر الكبيرة إلى جانب خسائرها في فيتنام ، فتقدم بمبادرته في محاولة منه تحريك المياه الراكدة التي تزيد الأمور تعقيداً في أزمة الشرق الأوسط والتي نجمت عن عدوان 5 يونيو (حزيران) عام 1967، فكانت مبادرته أول محاولة امريكية بعد حرب حزيران لتجسير الهوة ببن قوى الصراع الدائر هنا بالتدخل المباشر بين العرب وتل أبيب بعيداً عن إطار الأمم المتحدة وهو ذات النهج الذي سار عليه ترامب فيما أطلق عليه بـ صفقة القرن المستوحاة من أرشيف وزارة الخارجية الأمريكية والكابينيت الإسرائيلي وذات الشأن الذي سارت وتسير عليه الإدارات الأمريكية المتعاقبة في تسليم مهمة تسيير دفة الأمور الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ توقيع اتفاق أوسلو للكيان العبري وضم القدس باعتراف أمريكي لــ إسرائيل ..

بمعنى أن أمريكا بعد أن أدركت أن الهزيمة رغم مرارتها وقسوتها لم تجبر العرب على رفع رايات الاستسلام البيضاء ، جاءت بمبادرة روجرز بدليل تواصل القتال ، فكان شهر سبتمبر (أيلول) هو البداية الحقيقية لعودة القتال عندما قامت معركة بالمدفعية في منطقة القنطرة خسر فيها الاسرائيليون حوالي 80 قتيلاً و 250 جريحاً مما جعل يوثانت - سكرتير عام الأمم المتحدة في ذلك الحين يطلب من (أودبول) كبير المراقبين الدوليين قطع إجازته والعودة فوراً إلى القاهرة، وفي 25 أكتوبر (تشرين الاول) أغرقت البحرية المصرية المدمرة الإسرائيلية (إيلات).

في الحلقة القادمة سنعود ونواصل الحديث عن بنود المبادرة وردات الفعل حيالها وما ترتب عليها من رفض الفلسطينيين لها متمثلاً بموقف منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها المنضوية تحت لوائها منها..




نشر الخبر :
رابط مختصر للمقالة تجده هنا
http://pn-news.net/news8692.html
نشر الخبر : Administrator
عدد المشاهدات
عدد التعليقات : التعليقات
أرسل لأحد ما طباعة الصفحة
التعليقات
الرجاء من السادة القراء ومتصفحي الموقع الالتزام بفضيلة الحوار وآداب وقواعد النقاش عند كتابة ردودهم وتعليقاتهم. وتجنب استعمال الكلمات النابية وتلك الخادشة للحياء أو المحطة للكرامة الإنسانية، فكيفما كان الخلاف في الرأي يجب أن يسود الاحترام بين الجميع.