آخر الأخبار :

تحليل سياسات نحو سياسات لدعم قضية الأسرى

مقدمة
أعلن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد بتاريخ 2/1/2019، عن برنامجه الانتخابي الذي اشتمل على سلسلة من سياسات التضييق بحق الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، والبالغ عددهم حوالي 6000 أسير وأسيرة، منهم 250 طفلًا، و54 سيدة وفتاة، و27 صحافيًا و21 أسيرة من جنسيات عربية، و5 نواب للمجلس التشريعي، إضافة إلى زيادة حملة الاعتقالات تجاه الفلسطينيين التي لوحظت خلال الأشهر الأولى من العام 2019. ففي كانون الثاني اعتقل 509 فلسطينيًا و569 حالة اعتقال في شباط، و905 في آذار ونيسان، إضافة إلى 431 حالة اعتقال في أيار.
تمثلت هذه السياسات في إلغاء الانفصال بين معتقلي حركتي فتح وحماس، وتقليص عدد الزيارات العائلية للأسرى الفلسطينيين للحد الأدنى، وإلغاء ممثلي الأسرى داخل الأقسام، وقطع نصف الودائع النقدية للأسرى، وإقفال مقاصف السجن (الكانتينا)، وحظر الطبخ داخل الأجنحة، وتقليل كمية المياه المسموحة للأسرى.
وقد جاءت هذه الخطة بعد اجتماع أردان مع لجنة كان قد شكلها، بتاريخ 13/6/2018، لدراسة أوضاع الأسرى الفلسطينيين (الأمنيين)، لتقدم توصياتها بشأن التشديد على الأسرى، وقد أصدرت هذه اللجنة توصيات أخذ بها أردان بشكل كامل، وهي التي أعلن عنها في برنامجه، إلا أن برنامجه لم ينفذ بشكل مباشر، وإنما تم تطبيق ما جاء فيه بطرق ملتوية وغير مباشرة.
إن محاولات فرض مثل هذه السياسات لم تكن جديدة، حيث جرت محاولات عدة في السابق لإدخال تغييرات في ظروف السجن، ومن ضمنها محاولة مفوض مصلحة السجون السابق يعكوف غانوت العام 2007، بإجراء تغييرات عدة، لكنها قوبلت بإضراب للأسرى في السجون والمعتقلات كافة، واضطرت مصلحة السجون إلى إعادة جزء من الامتيازات للأسرى مثل القنوات التلفزيونية، والصحف، وإعداد الأسرى الطعام بأنفسهم.
وقد اعترض الأمن الإسرائيلي الداخلي (الجيش، المخابرات) على هذه السياسات؛ كونها تعارض حالة الهدوء، التي يسعى إليها في الوقت الراهن. فيما صرحت الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة في بيانٍ لها رفضها الكامل لهذه الخطة، وإنها ستسعى إلى مواجهتها بالإمكانيات كافة.
وبناءً عليه؛ تهدف هذه الورقة إلى تقديم بدائل سياساتية لمواجهة خطة أردان، ومنع الاعتداءات الإسرائيلية بحق الأسرى، وحمايتهم، والعمل على ضمان توفير حقوقهم وعدم المساس بها داخل السجون، إلى حين الإفراج عنهم.
السياسات الإسرائيلية المتصاعدة ضد الأسرى الفلسطينيين .. نبذة تاريخية
استخدمت دولة الاحتلال الإسرائيلي سياسة انتهاكية وممنهجة اتجاه الأسرى الفلسطينيين منذ العام 1967، حيث تعرضوا لكل أشكال وأصناف العذاب، الهادفة لكبت مشاعرهم الوطنية، فكانت البداية صعبة، وليست كما هي الصورة التي عليها اليوم على الرغم من شدتها، فكانت هناك حالة الاكتظاظ بالغرف، حيث كان يصل عدد الأسرى في الغرفة الواحدة إلى تسعين أسيرًا، وكل هؤلاء الأسرى كانوا يقضون حاجاتهم في دلو (الجردل)، كما منعوا من ممارسة أي أنشطة حتى إقامة الصلاة جهرًا، إضافة إلى سوء الطعام وقلته، والحرمان من النوم، وكان يعطى الأسير بطانية واحدة لا تستر برده في فصل الشتاء، إلى جانب التعذيب الجسدي المباشر؛ من خلال وحدات قمع مدربة، وأدوات تعذيب متعددة ومتطورة، من ضرب مبرح، وشبح أثناء التحقيق لفترات زمنية طويلة، ووضع الأسير داخل ثلاجة، وضخ هواء بارد جدًا، ما يؤدي إلى تجمد الأسير داخلها، واستخدم كذلك أسلوب البطح، وتكبيل الأيدي والأرجل، وعصب الأعين، بواسطة أعقاب البنادق والأيدي، والوقوف لساعات طويلة، وإطلاق النار والغاز واستخدام الكلاب البوليسية.
هذا وقد مُارس ضدهم أيضًا سياسة التعذيب النفسي، فمنذ اللحظات الأولى كان يطلب من الأسير قول كلمة يا "سيدي"، وإجبارهم على العمل، وبخاصة في صناعة شباك التمويه للدبابات الإسرائيلية المقاتلة، إلى جانب استخدام الألفاظ النابية، وسياسة التهديد والإرهاب النفسي، والتهديد باعتقال الزوجة أو الأم.
كما مارس الاحتلال سياسة العزل والاعتقال الإداري، والحرمان من الزيارات والتعليم، وفرض غرامات مالية و"كانتينية"، والتفتيش اليومي للغرف، ومصادرة ممتلكاتهم، والحرمان من محاكمة عادلة. واتبعت سلطات الاحتلال، أيضًا، سياسة الإهمال الطبي، وذلك بعدم إجراء الفحص الطبي الشامل للأسير، والمماطلة في تشخيص مرضه، ووصف الدواء دون فحص، واستخدام الأسرى كتجارب على الأدوية المصنعة داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى الظروف الصحية السيئة للغرف والأقسام، وعدم توفر عيادة صحية للأسرى، وتعقيدات أمنية لسفر الأسرى للعلاج، وتوفير أطباء خاصين تكون تغطية نفقاتهم من الأسرى، الأمر الذي أسفر عن هذه السياسة؛ وفاة عدد من الأسرى واحتجاز جثامينهم، حيث توفي 209 أسرى داخل السجون الإسرائيلية حتى العام 015،، ووفاة الأسير فارس بارود بتاريخ 6/2/2019، وتدهور الأوضاع الصحية لـ 15 أسيرًا بمشفى الرملة، والأوضاع الصحية للأسيرات، وبخاصة الأسيرة إسراء جعابيص؛ وتقديم أغذية منتهية الصلاحية للأسيرات، كما قامت به إدارة سجن الدامون في آذار 2019.
ومنذ تشكيل لجنة أردان، وبعد الإعلان عن خطته، تواكبت الاعتداءات والاقتحامات في السجون، إذ اقتحمت قوات الاحتلال سجن "عوفر" القسم (17)، وسجن النقب الصحراوي القسم (7)، وسجن عسقلان غرفة رقم (5) ، وسجن ريمون واعتدت على الأسرى، وأصيب حوالي 150 أسيرًا ما بين كسور ورصاص مطاط, وقامت بتركيب أجهزة تشويش وأجهزة تؤثر على بث الراديو والتلفزيون، ما أدى إلى انقطاعها. وقامت بتشغيل كاميرات مراقبة داخل السجون التي تتواجد فيها الأسيرات كسجن هشارون.
واتبع الاحتلال الإسرائيلي سياسة سن تشريعات عنصرية ضد الأسرى الفلسطينيين، وكان أبرز هذه التشريعات ما صدر خلال العاميين الماضيين، فقد وافقت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع الإسرائيلية بتاريخ 21/10/2018 على مشروع قانون
تعديل أنظمة سلطة السجون المقدمة من عضو الكنيست أورن حازان، وتقديمه للتصويت في الكنيست الإسرائيلي، وقد صادق الكنيست بتاريخ 25 من الشهر ذاته بالقراءة التمهيدية على مشروع القانون، الذي ينص على حرمان بعض الأسرى من الزيارات. كما صادق الكنيست الإسرائيلي بتاريخ 17/2/2019 على اقتطاع 502 مليون شيكل من العائدات الضريبية للسلطة الفلسطينية، حيث زعمت الحكومة الإسرائيلية أنها تعادل رواتب أسر الشهداء والأسرى الفلسطينيين.
إعلان الحركة الأسيرة إضراب الكرامة (2) لمواجهة خطة أردان
يُعد استهداف الحركة الوطنية الأسيرة في سجون الاحتلال ضمن السياسة الإسرائيلية الهادفة للنيل من الأسرى الفلسطينيين والتضييق عليهم. ومنذ العام 1967 ومع بدء عمليات الاعتقال والأسر، بدأت عمليات استهداف الأسرى في السجون، وقد شهدت العلاقة بين إدارة مصلحة السجون والأسرى الفلسطينيين مواجهات وصدامات مستمرة، بسبب السياسة الإسرائيلية والقرارات المتعددة الهادفة إلى قتل الروح النضالية لديهم، التي تصدى لها الأسرى بكل الوسائل المتاحة على الرغم منم عدميتها، إلا أنهم ابتدعوا سلاح المواجهة الإستراتيجي بالإضراب عن الطعام (سلاح الأمعاء الخاوية)، لمواجهة سياسة إدارة مصلحة السجون، الذي يعتبر الأسلوب النضالي الأنجح بغية تحقيق حياة كريمة لهم والعمل على تحسين ظروفهم.
هذا، وقد مارست الحركة الأسيرة هذه السياسة منذ العام 1969، فيما عُرف بإضراب سجن الرملة بتاريخ 18/2/1969، الذي استمر (11) يومًا، وكذلك إضراب معتقل "كفار يونا" في نفس اليوم، واستمر الإضراب ثمانية أيام، وتزامن مع إضراب الرملة، وكذلك إضراب السجينات الفلسطينيات في سجن "نفي ترستا" بتاريخ 28/4/1970، الذي استمر لمدة تسعة أيام. وقد تعرضت الأسيرات جراء هذا الإضراب للإهانة والعقوبات؛ منها العزل في زنازين انفرادية، ثم جاء بعد ذلك إضراب سجن عسقلان بتاريخ 5/7/1970، واستمر لسبعة أيام، وإضراب سجن عسقلان بتاريخ 13/9/1973 وحتى 7/10/1973، وبتاريخ 11/12/1976 الذي استمر لمدة (45) يومًا، وبتاريخ 24/2/1977 الذي استمر لمدة (20) يومًا،
وإضراب سجن نفحة بتاريخ 14/7/1980، واستمر (32) يومًا، وإضراب سجن جنيد بتاريخ 25/3/1987، وشارك فيه أكثر من (3000) أسير فلسطيني من مختلف السجون، واستمر لمدة (20) يومًا، وإضراب 23/1/1988، وإضراب سجن نفحة بتاريخ 23/6/1991، 1991، واستمر الإضراب (17) يومًا، وإضراب 25/9/1992، الذي شمل معظم السجون، وشارك فيه نحو سبعة آلاف أسير، واستمر (15) يومًا، وإضراب الأسرى بتاريخ 18/6/1995، وإضراب أسرى سجن عسقلان في العام 1996، وإضراب 5/12/1998، وإضراب 1/5/2000، وإضراب سجن "نيفي تريستا" بتاريخ 26/6/2001، حيث خاضته الأسيرات واستمر لمدة 8 أيام، وإضراب سجن "هداريم" بتاريخ 15/8/2004، واستمر 19 يومًا، وإضراب أسرى سجن شطة بتاريخ 10/7/2006، واستمر 6 أيام، وإضراب الأسرى في كافة السجون والمعتقلات بتاريخ 18/11/2007 ليوم واحد.
وكذلك إضراب العام 2011 الذي أضرب الأسرى فيه 22 يومًا، وإضراب العام 2012 الذي خاضه 1500 أسير، وهو ما عرف بـ "معركة الأمعاء الخاوية"، بامتناع المعتقل عن تناول كافة أصناف وأشكال المواد الغذائية الموجودة في متناول الأسرى؛ باستثناء الماء وقليل من الملح، وهي خطوة نادرًا ما يلجأ إليها الأسرى، الأمر الذي ترتبت عليه نتائج تمثلت بإنهاء العزل الانفرادي، وإعادة برنامج الزيارات في قطاع غزة بعد انقطاعه لمدة 6 سنوات متواصلة، وإضراب العام 2014، وهو إضراب الأسرى الإداريين الذي استمر 63 يومًا، حيث أضرب نحو 120 معتقلًا فلسطينيًا إداريًا في سجن مجدو، احتجاجًا على استمرار اعتقالهم الإداري دون تهمة أو محاكمة، مطالبين بإلغاء سياسة الاعتقال الإداري.
وكذلك إضراب الكرامة والحرية في شهري نيسان وأيار 2017، حيث أضرب نحو 1500 أسير عن الطعام، وفي اليوم السابع من الإضراب انخرط فيه (40) أسيرًا من سجن "مجدو"، و(20) أسيرًا من سجن "ريمون"، في معركة الحرية والكرامة إلى جانب رفاقهم من الأسرى المضربين، وفي اليومين السابع عشر والثامن عشر من الإضراب، أعلن (100) أسير من قادة فصائل العمل الوطني والإسلامي، انضمامهم إلى معركة الحرية والكرامة. وفي اليوم الحادي والثلاثين، انضم (60) أسيرًا إلى الإضراب المفتوح عن الطّعام في سجن "جلبوع"، وفي اليوم الرابع والثلاثين انضم أكثر من (200) أسير إلى الإضراب عن الطعام في كل من سجون "نفحة"، و"ريمون"، و"إيشل"، وكان التحاقهم بالإضراب نصرةً لرفاقهم المضربين، وفي اليوم الأربعين علق الأسرى إضرابهم المفتوح عن الطعام، بعد محادثات استمرت (20) ساعة بقيادة الأسير مروان البرغوثي، وانتهت بانتصارهم.
وتزامنًا مع هذا الإضراب، وبعد إعلان أردان خطته التي تهدف إلى التضييق على الأسرى، وزيادة الاعتداءات والانتهاكات والاقتحامات تجاه الأسرى الفلسطينيين، أعلنت الحركة الأسيرة بتاريخ 8/4/2019 الإضراب عن الطعام تصديًا لخطة أردان[25]، وذلك لتنفيذ مطالبهم المُتمثلة بإزالة أجهزة التشويش من داخل الأقسام، وتركيب أجهزة هواتف عمومية بهدف التواصل مع الأهالي، والسماح لذوي أسرى حماس بالزيارة من غزة والضفة، وعودة الزيارة كما كانت مرة كل أسبوعين، ورفع العقوبات التي فرضت على سجن الرامون قسم 1، وسجن النقب قسم 4، وعدم إضافة أحكام جديدة لأحكامهم، وإسقاط الغرامات التي بلغت نصف مليون شيكل، ورفع التعامل الأمني مع الأسرى، ووقف الإهمال الطبي بحقهم.
وبعد ثمانية أيام من الإضراب، توصلت الحركة الأسيرة إلى اتفاق يتضمن إزالة أجهزةِ التشويش المسرطنة وتحييدها، ثم الموافقة لأول مرة في تاريخ الحركة الأسيرة على تركيب هاتف عمومي في كافة أقسام السجون أينما تواجد أسير فلسطيني، وإعادة الأوضاع الحياتية في كافة أقسام السجون، إضافة إلى تحقيق جملةٍ من المطالب الإنسانية التي تلامسُ حياة الأسرى وعلى رأسها ما يخص الأسرى المعزولين وخروجهم من العزل.
المشكلة
تتمثل مشكلة الورقة في زيادة الاعتداءات الإسرائيلية اتجاه الأسرى خلال العامين 2018 و2019، واستمرار استهداف الحركة الأسيرة، وذلك يرجع لسببين؛ هما:
الأول. الانقسام الفلسطيني الداخلي الذي انعكس على الحركة الأسيرة، حيث سبَّبَ تراجعًا لدورها الذي أُضعف، أيضًا، وبشكل ملحوظ، ما بعد العام 2007؛ فقد انقسمت الحركة الأسيرة مثلما انقسم المجتمع السياسي الفلسطيني، حيث إن الفصيلين الكبريين (فتح وحماس) انفصلا عن بعضهما البعض، وباتت تعيش الحركة الأسيرة أزمة تمثلت في شرخ فلسطيني-فلسطيني داخل سجون الاحتلال، فقد تفككت المؤسسات والهيئات المتعلقة بالأسرى وتشتَّتت الجهود، وحدثت تغييرات في الحركة الأسيرة وتحولات قد أضعفت من دورها، ومكنت إدارة مصلحة السجون من الانقضاض عليها، حيث إنه لا يوجد خطط لديها لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية اليومية. وقد انعكس أثر الانقسام، أيضًا، على أولوية قضية الأسرى في الشارع الفلسطيني، فالانشغال الفلسطيني بقضية الانقسام أدى إلى إهمال ملف الأسرى، بحيث لم تعُد قضيتهم تقف على سلم أولويات السياسة العامة الفلسطينية.
الثاني: المشروع السياسي الإسرائيلي الذي يستهدف مكونات القضية الفلسطينية كافة، ومنها قضية الأسرى الفلسطينيين، باتباع سياسات انتهاكيه بحق الأسرى والأسيرات داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، واعتداءات شبه يومية طالت تعذيب الأسرى الأطفال، وتشريع قوانين عنصرية بحقهم؛ تتضمن إجراءات عقابية مثل قانون محاكمة الأطفال دون سن 14 عامًا، ومشروع قانون إعدام الأسرى، ومشروع قانون حرمان الأسرى من التعليم، ومشروع قانون منع زيارات أسرى منظمات فلسطينية تحتجز إسرائيليين، ومشروع قانون احتجاز جزء من المستحقات المالية للسلطة الفلسطينية. وهذا ينذر أن موجة التصعيد التي تطال الأسرى تندرج في إطار صفقة القرن الهادفة إلى النيل من الحقوق الفلسطينية كافة، التي كفلتها الشرائع والمواثيق الدولية في العيش الكريم، والوصول إلى الاستقلال الناجز بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
الأهداف
الهدف العام: اقتراح سياسات لمواجهة خطة أردان، من خلال تعزيز نضال الأسرى داخل السجون، وتعزيز الدعم والإسناد الرسمي لهم.
الأهداف الفرعية:
تقديم آليات ووسائل لتعزيز وتطوير دور الأسرى وصمودهم داخل سجون الاحتلال لمواجهة سياسات التضييق، من خلال مساندتهم عبر تحركات شعبية وإعلامية وقانونية.
تقديم وسائل للقيادة الفلسطينية لترسيخ قضية الأسرى كأولوية وطنية للسياسة العامة الفلسطينية؛ من خلال تبني خطة وطنية تشاركية تستثمر كافة الجهود الممكنة لدعم الأسرى.
اقتراح أدوات لتفعيل قضية الأسرى في الحيز العام الفلسطيني، من خلال مؤسسات المجتمع المدني والإسناد الشعبي، والتحرك القانوني.
تدويل قضية الأسرى من خلال التوجه إلى الأجهزة الدولية التابعة للأمم المتحدة، والمحكمة الجنائية الدولية.
البدائل
البديل الأول: حملات ضغط ومناصرة شعبية ومحلية ودولية لدعم إضراب الأسرى الفلسطينيين
يمكن دعم إضرابات الأسرى من خلال سياسات عدة تتضمن تأسيس حملات ضغط ومناصرة محلية ودولية؛ من خلال دعوة الدول التي تحترم حقوق الإنسان والموقعة على اتفاقيات جنيف، وتفعيل حركة المقاطعة، بأنواعها كافة، لإسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS)، حيث إنها تنشط في العالم، بما فيه الولايات المتحدة الأميركية، لوقف الدعم الرسمي لإسرائيل. ودعم المستوى الرسمي لهذه الحركة يمكن من خلاله أن يُشكل جزءًا من الرد على مشكلة الدعم الأميركي أو تغيير الرأي العام، وتفعيل حركة التضامن الدولي لصالح ملف الأسرى الفلسطينيين، كما يمكن تشكيل جبهة وطنية تضم هيئة الأسرى، ونادي الأسير، لإسناد قضية الأسرى وتدويلها.
كما إن هنالك دورًا لمؤسسات المجتمع المدني اتجاه قضية الأسرى؛ من خلال عقد مؤتمرات وورش عمل حول قضية الأسرى والاعتداء عليهم، وتوضيح مدى مخالفتها للقوانين والاتفاقيات الدولية، كما يجب عليها رصد وتوثيق الانتهاكات، وتشكيل لجان قانونية تقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة لعرض التقارير المتعلقة بالأسرى الفلسطينيين على الأجهزة الدولية المعنية، ويجب عليها كذلك التواصل مع المؤسسات الدولية من أجل إعلامها بما يستجد داخل السجون الإسرائيلية لدعم قضية الأسرى بشكل عام، وقضية الأسرى المضربين بشكل خاص.
كما يجب عليها الدعوة إلى حملات مقاطعة للشركات التي تساعد في معاناة الأسرى كشركة (G4S)، وهي شركة بريطانية تقوم بتوفير الأمن داخل سجون الاحتلال وغيرها من الشركات، وقيامها بحملات ضغط ومناصرة شعبية لقضية الأسرى. وتقع كذلك، أيضًا، مسؤولية على الشعب الفلسطيني اتجاه قضية أسراهم، من خلال الوقفات الاحتجاجية والتضامنية لإسناد الأسرى، وتحويلها إلى حركة شعبية، فهم بحاجة إلى الإسناد الشعبي في الضفة الغربية، وقطاع وغزة، والـ 48، والشتات، وعلى كافة الهيئات والمؤسسات الرسمية والأهلية، والشركات والجامعات والعوائل وأهالي الأسرى والمحررين، والمؤسسات العاملة في مجال شؤون الأسرى، المشاركة وبذل الجهود في دعم إضراب الأسرى، ولا بد كذلك من استغلال كافة المواهب الشعبية من فرق فنية ورياضية ومنشدين ورسامين، وكل المواهب الفلسطينية، لرسم لوحة من لوحات الدعم والإسناد للأسرى.
المقبولية: يحظى هذا البديل بمقبولية عالية سواء في الوسط الفلسطيني أو العربي أو الإقليمي.
المعقولية والإمكانية: ليست ضعيفة لكن تحتاج إلى خطة عمل منظمة ضمن إطار زمني، وهو إضراب الكرامة (2)، للوصول إلى النتائج المطلوبة.
المنفعة: سيعود هذا البديل بمنفعة على الأسرى وقضيتهم، فالتأييد المحلي سيرفع من معنويات الأسرى داخل السجون، وسيشعرهم بوجود شعب يساندهم ويهتم لأمرهم.
الخسارة: هذا البديل يمكن أن يكون مكلفًا لتطبيقه نظرًا لما سيترتب عليه من تكاليف مادية ولوجستية عالية جدًا، لإنشاء الحملات وتفعيل حركات المقاطعة وعقد الورشات والمؤتمرات، وتشكيل اللجان القانونية لعمليات الرصد والتوثيق.
البديل الثاني: تفعيل الدور الديبلوماسي والإعلامي في دعم إضراب الأسرى
لصناع القرار دور مهم ومؤثر بشكل كبير في ملف الأسرى الفلسطينيين، وبخاصة السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها والفصائل الفلسطينية، فالجميع يستطيع أن يضع خطة إستراتيجية ديبلوماسية لإعادة بناء منظومة العمل الديبلوماسي الفلسطيني بشكل متكامل، ابتداءً من تفعيل الديبلوماسية الرقمية في وزارة الخارجية لدعم ملف الأسرى، وذلك بالاستناد إلى اختيار الكفاءات القادرة على خلق شبكة علاقات وتحالفات قوية وداعمة للموقف الفلسطيني السياسي في المؤسسات الدولية، حيث من خلالها يمكن القضاء على عملية التطبيع مع دولة الاحتلال، وإبراز معاناة الأسرى وجذب الرأي العالمي؛ ما قد يشكل حركة تضامن دولي لقضيتهم. كما يجب تفعيل دور السفارات الفلسطينية في الخارج، ودور الجاليات، وتعاون الدول الموجودة بداخلها لدعم هذه القضية، وأيضًا يمكن الاستعانة بالوسائل الإعلامية المحلية والعربية لإيصال صوت الأسرى، وتفعيل حركات التضامن الدولي معهم.
المقبولية: يحظى هذا البديل بمقبولية لأنه يقوم على التجهيز الداخلي لدعم إضراب الأسرى، والعمل الديبلوماسي والإعلامي لا يخالف أيًا من القوانين أو الاتفاقيات الدولية أو الأعراف الديبلوماسية المستقرة.
المعقولية والإمكانية: لا يمكن لهذا البديل أن يتحقق إلا إذا قامت السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها والفصائل والمنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام المحلية والعربية، بمنح قضايا الأسرى المساحة الكافية من الاهتمام، وتنشيط الديبلوماسية الفلسطينية، وبخاصة الرقمية.
المنفعة: سيعود بالمنفعة على جميع الأسرى؛ فالتأييد الدولي يمكن أن يشكل ضغطًا على دولة الاحتلال للالتزام بالاتفاقيات الدولية المعنية بالأسرى، وبخاصة اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة للعام 1949، وتحسين ظروف الاعتقال، أو الإفراج عن الأسرى.
الخسارة: قد تقوم الدول الحليفة لإسرائيل بمنع تحشيد الرأي العام الداخلي لديها لدعم قضية الأسرى؛ من خلال منع فعاليات السفارات والجاليات، أو اتّخاذ إجراءات ضمن المنظمين بمنع إقامتهم أو توجيه تهم لهم وفقًا للقوانين الداخلية لها، وقد تقوم دولة الاحتلال بتكثيف عملها الديبلوماسي والترويج للرواية الإسرائيلية.
البديل الثالث: التوجه إلى أجهزة الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية
يقوم هذا البديل على استخدام الوسائل الدولية كافة لمواجهة خطة أردان، ومحاسبة الاحتلال الإسرائيلي. وأمام القيادة الفلسطينية طرق دولية عدة، يمكن أن تسلكها لدعم ملف الأسرى، فيمكن لها اللجوء إلى:
الأمين العام: تستطيع دولة فلسطين بعد حصولها على صفة عضو مراقب في العام 2012، اللجوء إلى مجلس الأمن، وطلب تشكيل هيئة مهمتها رصد وتوثيق ممارسات الاحتلال الإسرائيلي اتجاه الأسرى.
مجلس الأمن: يمكن اللجوء إلى مجلس الأمن للمطالبة بفرض عقوبات ديبلوماسية وسياسية واقتصادية ضد دولة الاحتلال.
الجمعية العامة للأمم المتحدة: دعوة الجمعية العامة للانعقاد من أجل النظر في ملف الأسرى الفلسطينيين، وإصدار قرارات، وإن لم تكن ملزمة إلا أنه يمكن الاسترشاد بها، وأن يكون لها الأثر الدولي الإيجابي اتجاه قضية الأسرى.
مجلس حقوق الإنسان: الطلب من المجلس تشكيل لجنة تحقيق دولية تكون مهمتها التحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية للأسرى داخل السجون، من خلال عمليات الرصد والتوثيق وجمع المعلومات المكتوبة والمصورة وشهادة الأسرى، ورفع تقرير للمجلس، وأن يقره من قبل أغلبية الدول الأعضاء، ورفعه إلى الجمعية العامة، وبالتالي إحالته إلى المحكمة الجنائية الدولية، ودعوة المدعي العام لأخذ التقرير بجدية.
المحكمة الجنائية الدولية: بعد توقيع دولة فلسطين على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية العام 2014، أصبح بإمكانها التوجه إلى المحكمة في حال ارتكاب جريمة تدخل ضمن الجرائم المحددة في ميثاق المحكمة، بناءً على نص المادة 14 من ميثاق روما، التي نصت على أنه "يجوز لدولة طرف أن تحيل إلى المدعي العام أي حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة قد ارتكبت، وأن تطلب إلى المدعي العام التحقيق في الحالة بغرض البت فيما إذا كان يتعين توجيه الاتهام لشخص معين أو أكثر بارتكاب تلك الجرائم"، فأمام السلطة الوطنية الفلسطينية طرق عدة بإحالة كافة الملفات المتعلقة بالأسرى إلى المحكمة الجنائية، وعلى مؤسسات المجتمع المدني أن تقدم تقاريرها المختصة بالموضوع أيضًا، ودعوة المدعي العام لفتح تحقيق مبدئي لضمان المحاسبة ومنع الإفلات من العقاب.
الدول الأعضاء في اتفاقيات جنيف للعام 1949: للدول الأعضاء دور منذ توقيعها على اتفاقيات جنيف، فيمكن التواصل معها لدعم ملف الأسرى، وللضغط على دولة الاحتلال لوقف انتهاكاتها المخالفة للقانون الدولي الإنساني.
المؤسسات الحقوقية: للمؤسسات الحقوقية المحلية والدولية دور في دعم قضية الأسرى؛ من خلال التواصل مع المؤسسات والأجهزة الدولية المختصة، وإرسال التقارير التي قامت بإعدادها في موضوع الأسرى لها، وبخاصة المؤسسات النسوية ومؤسسات الدفاع عن حقوق الطفل؛ لما تشكله هذه الاعتداءات من انتهاك لاتفاقية "سيداو" للعام 1979، واتفاقية حقوق الطفل للعام 1990.
يرتكز هذا البديل على انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في اعتداءاته اتجاه الأسرى الفلسطينيين؛ القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، فهي تخالف المواد (91)، و(92)، و(98)، و(71)، و(78)، و(147) من اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 وتخالف المواد (6/1)، و(7)، و(9)، و(14) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية للعام 1977، كما تُعد انتهاكًا للمواد (9)، و(1/10)، و(3)، (11/1) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948،وانتهاكًا لاتفاقية حقوق الطفل للعام 1990، واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) للعام 1979، والضمانات القانونية لاتفاقية مناهضة التعذيب للعام 1987،وللمادة (31) من قواعد الأمم المتحدة الدنيا لمعاملة السجناء للعام 1955.
المقبولية: يحظى هذا البديل بمقبولية، لأن فلسطين حصلت على دولة عضو مراقب العام 2012 لدى الأمم المتحدة، وانضمت إلى المحكمة الجنائية الدولية العام 2014.
المعقولية والإمكانية: قوية، ولكن تحتاج إلى تحرك من السلطة الوطنية الفلسطينية، وبخاصة باللجوء إلى الأجهزة الدولية، وفضح إجراءات وقوانين الاحتلال اتجاه الأسرى الفلسطينيين.
المنفعة: سيعود هذا البديل بمنفعة كبيرة على قضية الأسرى، إذ سيعمل على فضح الاحتلال الإسرائيلي وبيان جرائمه اتجاه الأسرى، ليس فقط أمام الأجهزة الدولية، وإنما أمام العالم بأسره.
الخسارة: لا توجد خسائر لهذا البديل، لأن المجتمع الدولي يعتبر الإجراءات والقوانين اتجاه الأسرى قوانين وإجراءات عنصرية تخالف القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والمواثيق والاتفاقيات الدولية كافة.
المفاضلة بين البدائل
إن كل البدائل المطروحة لا غنى عنها؛ وجميعها مكملة لبعضها البعض؛ ولا يمكن الاستغناء عن أحدها، إلا أنه، وفي ظل الوضع الصعب للحركة الأسيرة؛ وما تعانيه داخل سجون الاحتلال؛ ولمحدودية الإمكانيات لدى الأسرى؛ وفي ظل عدم التزام مصلحة السجون بالاتفاقات التي تكون بينها وبين الحركة الأسيرة بعد الإضرابات التي تقوم بها؛ وفي ظل ضعف الاهتمام الوطني بقضية الأسرى؛ وظل ازدياد الانتهاكات الإسرائيلية والتشريعات العنصرية التي تخالف القانون الدولي، نجد أن البديل الأفضل هو البديل المُتمثل بالتوجه إلى أجهزة الأمم المتحدة، والمحكمة الجنائية الدولية، لمواجهة خطة أردان، كون أن هذا الطريق أصبح مشروعًا للفلسطينيين بموجب القانون الدولي والشرعية الدولية، ولم يسبق لفلسطين خوضه، وهو أداة فعالة في يد القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها السلطة الوطنية الفلسطينية.
ولتحقيق هذه البديل، يلزمنا العمل على البدائل الأخرى؛ إذ إن سياسات الحركة الأسيرة داخل السجون، والسياسات الديبلوماسية والإعلامية والشعبية، التي يمكن أن تقوم بها القيادة الفلسطينية وصناع القرار ومكونات الشعب الفلسطيني داخليًا وخارجيًا كافة، ستشكلان طريقًا سريعًا، إلى جانب الطريق القانوني لدعم إضراب الأسرى الفلسطينيين وقضيتهم.
خاتمة
بناءً على ما سبق؛ نود التأكيد على ضرورة الخوض في الطريق القانوني، وبخاصة بعد حصول فلسطين على صفة عضو مراقب في الأمم المتحدة، وانضمامها للمحكمة الجنائية الدولية وللاتفاقيات الدولية العام 2014، لدعم قضية الأسرى والأسيرات الفلسطينيين، وضمان محاسبة قادة دولة الاحتلال الإسرائيلي، ومنع إفلاتهم من العقاب، وضمان حقوق الأسرى داخل السجون إلى حين خروجهم. وتقع المسؤولية الكبرى على عاتق السلطة الفلسطينية ومؤسساتها التي بيدها طرق أبواب الأجسام الدولية، وإحالة الملفات إلى المحكمة الجنائية، إضافة إلى الانضمام إلى المنظمات، وتوقيع اتفاقيات تخدم مصالح الأسرى والمعتقلين، ولا شك أن هنالك مسؤولية أيضًا على عاتق الفصائل الفلسطينية وصناع القرار الفلسطيني، من أجل البدء بخوض إستراتيجية ديبلوماسية إعلامية محلية ودولية لتفعيل قضية الإسناد الشعبي، واستقطاب التضامن الدولي مع الأسرى الفلسطينيين، كما إن الأمر الذي سيشكل الفارق في قضية الأسرى وغيرها من القضايا؛ هو إنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة، والاتفاق على مشروع وطني جامع لكل البيت الفلسطيني.
ويقع على عاتق مؤسسات المجتمع المدني، أيضًا، مسؤولية تقديم تقاريرها وملفاتها المتعلقة بقضية الأسرى إلى المؤسسات والأجسام الدولية، فعليها أن تكون عاملًا فاعلًا في هذا الأمر. وهناك مسؤولية على السفارات والجاليات الفلسطينية في الخارج، حيث يجب أن تكون ضمن الإستراتيجية الديبلوماسية، بما يضمن تفعيل دورها في توضيح معاناة الأسرى داخل سجون الاحتلال للعالم، فلو اجتمعت الجهود الفلسطينية الداخلية والخارجية، حتمًا سيكون لها أثر كبير جدًا في مساندة قضية الأسرى ودعم إضرابهم.




نشر الخبر :
رابط مختصر للمقالة تجده هنا
http://pn-news.net/news11624.html
نشر الخبر : Administrator
عدد المشاهدات
عدد التعليقات : التعليقات
أرسل لأحد ما طباعة الصفحة
التعليقات
الرجاء من السادة القراء ومتصفحي الموقع الالتزام بفضيلة الحوار وآداب وقواعد النقاش عند كتابة ردودهم وتعليقاتهم. وتجنب استعمال الكلمات النابية وتلك الخادشة للحياء أو المحطة للكرامة الإنسانية، فكيفما كان الخلاف في الرأي يجب أن يسود الاحترام بين الجميع.